فما هو تعليم الكتاب عن التكلم بألسنة .
نلاحظ النقاط الآتية من دراسة الكتاب
وبخاصة { 1كو14} الذي يمكن أن نسميه
أصحاح الألسنة .
1)* الألسنة هي
الأخيرة في ترتيب المواهب :
عندما ذكر بولس الرسول مواهب الروح في
رسالته الأولي إلي كورنثوس ، جعل
التكلم بألسنة وترجمة الألسنة في آخر المواهب
فقال :
{ فأنواع مواهب موجودة ، لكن الروح واحد فإنه لواحد يعطي بالروح
كلام حكمة
ولآخر كلام علم حسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح ، ولآخر مواهب
شفاء
بالروح الواحد . ولآخر أعمال قوات ، ولآخر نبوءة ولآخر تمييز الأرواح .
ولآخر أنواع الألسنة بمفرده كما يشاء }{1كو12: 4-11}.
وهكذا جعل التكلم
بألسنة ، ترجمة الألسنة ، في آخر قائمة المواهب ، ويسبق
الألسنة : الحكمة ،
والعلم والإيمان ، ومواهب الشفاء ، وأعمال القوات ،
والنبوءة وتمييز الأرواح ..
وقال الرسول أيضا : { فوضع اله أناساً في الكنيسة : أولاً رسلاً ، ثانياً
أنبياء ثالثاً معلمين ، ثم قوات ، وبعد ذلك مواهب شفاء ، أواناً تدابير ،
وأنواع ألسنة {1كو12: 28}.
وهكذا وضع التكلم بالسنة في آخر المواهب ….
***
وقال : ر جدوا للمواهب الحسني ، وأيضا أريكم طريقا
أفضل}{1كو13:12}.وشرح أن
هذا الطريق الأفضل هو المحبة {1كو13} وشرح كيف أن هذه
المحبة أهم وأعظم من
النبوءة وكل علم ،ومن كل الإيمان الذي ينقل الجبال ، ومن
العطاء والنسك .
وشرح أن المحبة أهم من التكلم بالسنة الناس والملائكة .. وليس
ألسنة الناس
فقط . فقال : {إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة .. وليس ألسنة
الناس
فقط . فقال { إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ، ولكن ليس لي محبة ،
فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن {1كو1:13}.
***
رأينا
فيما تقدم أن الله { قسم لكل واحد بمفرده كما يشاء }{1كو11:12}. {
ولنا مواهب
مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا }{رو6:12}. { وكما قسم الله لكل
واحد مقداراً من
الإيمان }{رو3:12}. ومن جهة التكلم بألسنة قال بصراحة :
{ ألعل الجميع رسل ؟
ألعل الجميع أنبياء ؟ ألعل الجميع معلمون ؟ ألعل
الجميع أصحاب قوات ؟ ألعل
للجميع مواهب شفاء ؟ ألعل الجميع يتكلمون بألسنة ؟
ألعل الجميع يترجمون }{1كو12:
29،30}.
وواضح من هذا أن الموهبة ليست للجميع .
إذن فحتى في العصر الرسولي
لم يكن من الضروري أن ينال كل مؤمن موهبة التكلم
بألسنة التي لم تكن علامة
ضرورية لاثبات حلول الروح في الإنسان . فقد يكون
الإنسان قديساً ولا يتكلم
بألسنة .
إن الله يعرف متي يعطي المواهب ، ولماذا يعطيها . وقد منح التكلم
بألسنة في
عهد الرسل بوفرة شديدة في بداية الكرازة ، من أجل البنيان ، إذا كانت
لأزمة جداً في ذلك الزمان .
ولكن الألسنة ليست لازمة لكل زمان ، وفي ذلك
يقول الكتاب : { أما اللسنة
فستنتهي }{1كو8:13}.
وحتى في زمن الرسل ، ماذا
كانت شروط التكلم بألسنة ؟ إننا بقراءة {1كو14}.
نري شروطاً منها :
إن
أهم عبارة تميز أصحاح الألسنة {1كو14}، هي كلمة { للبنيان } ذكرها
الرسول مرات
عديدة ، وأصر عليها جداً.
وقال في صراحة : { فليكن كل شئ للبنيان }{1كو26:14}.
وقال أيضاً : { هكذا
أنتم أيضاً ، إذ أنكم غيورون للمواهب الروحية اطلبوا لأجل
بنيان الكنيسة أن
تزدادوا }{ع12}.
ومن أجل بنيان الكنيسة ، ذكر أن { من
يتنبأ أعظم ممن يتكلم بألسنة
}{ع5}.لأن { من يتكلم بلسان يبني نفسه ، وأما من
يتنبأ فيبني الكنيسة
}{ع4}. وكانت كلمة التبوء تعني قديماً التعليم أيضاً . وقد
فضل الرسول هذا
التنبوء { لأن من يتنبأ ، يكلم الناس ببنيان ووعظ وتعزية }{ع3}.
2)* التكلم بألسنة ليس للكل :
3)* يجب أن تكون الألسنة لبنيان الكنيسة
:
***
قال الرسول : رمن يتكلم بلسان ، فليصل لكم يترجم }{ع13}وأضاف
: { ولكن إن
لم يكن مترجم ، فلصمت في الكنيسة }{ع28}.
والسبب عند الرسول
واضح ، وهو بنيان الكنيسة . وفي البنيان فلصمت . وعبارة {
يصمت }هي أمر رسولي .
إذن : إما بنيان الكنيسة بالترجمة ، وإما الصمت .
إن وجود المترجم شهادة
علي صحة التكلم بلسان . وهكذا تكون موهبة الألسنة
لشخص في وقت واحد : أحدهما هم
المتكلم والثاني هو المترجم وينطبق قول
الكتاب : { علي فم شاهدين أو ثلاثة ،
تقوم كل كلمة } إن كانت الألسنة بل
ترجمة فما لزومها ؟وكذلك ما لزومها إن كان
الحاضرين يفهمون اللغة ؟
4)* شرط أساسي للألسنة هو ترجمتها :
يبني
نفسه ، أي يكون في حالة روحية خاصة ، حالة حلول الروح ، وهي نافعة
لبيانه
الشخصي . هذه الحالة عليها ملاحظتان ذكرهما القديس بولس وهما :
أ- يصمت ، كأي
عمل روحي خاص ، بينه وبين الله .
وفي ذلك قال : { فليصمت في الكنيسة ، وليكلم
نفسه والله }{ع28} أمر بينه
وبين الله ، يليق به المخدع المغلوق ، وليس الكنيسة
أمام الناس . حينئذ
يكون التكلم بلسان ، كنوع من الصلاة ، وحتي علي هذه يوجد
تعليق :
ب- يكون الذهن بلا ثمر ، مجرد عمل للروح :
وفي هذا يقول الرسول :
{لأنه إن كنت أصلي بلسان ، فروحي تصلي وأما ذهني
ويصلي بذهنه أيضاً . يرتل
بروحه ، ويرتل بذهنه أيضاً { ع15}. لكي يكون
بنيانه الروحي أثبت وأقوي .
5)* مت معني } يبني نفسه {؟
***
علي الرغم من عبارة : { يبني نفسه }
هذه التي ذكرها الرسول في حرص
وبملاحظات ، وأظهر أنها بنيان ناقص ، فان الرسول
، لأجل البنيان أيضاً يقول
:
{ أشكر إلهي أني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم .
ولكن في الكنيسة أريد أن
أتكلم خمس كلمات بذهني ، لكي أعلم آخرين أيضاً . أكثر
من عشرة آلاف كلمة
بلسان }{ع18،19}.
إذن لا داعي لأن يسعى الناس بكل قواهم
للتكلم بألسنة ويظنوها نصراً عظيماً .
هذا إذا كانت الألسنة موهبة حقيقية ن
الروح القدس فماذا نقول إذن إن كان
البعض يدعون أنهم يتكلمون بالسنة ، ولا نضمن
صحة هذا الإدعاء ..
***
6)* الألسنة آية لغير المؤمنين :
يقول الرسول عن التكلم بألسنة { إذن الألسنة آية لا للمؤمنين ، بل لغير
المؤمنين ..}{1كو22:14}.
ولأجل هذا السبب منح الله هذه الآية للكنيسة في
بدء العصر الرسول ، لأجل
انتشار الكرازة ، ولكي يصل الإيمان إلي شعوب وأمم لا
تعرف لغة الأباء الرسل
{ الأرامية – او العبرية } . فيبشرون بالألسنة ، كما حدث
في يوم الخمسين
{ فبهت الجميع وتعجبوا ..}{وتحيروا لأن كل واحد كان يسمعهم
يتكلمون بلغته
}{أع2: 7،6}.
ولكن ما منعي أن يقف شخص وسط أناس يتكلمون بنفس
لغته ، لكي يكلمهم بلغة
غريبة .. لهذا اشترط الرسول وجوب الترجمة { ولكن إن لم
يوجد مترجم فليصمت
}{1كو28:14}.
***
فقال { إن كان الجميع
يتكلمون بألسنة ، فدخل عاميون أو غير مؤمنين ، أفلا
يقولون إنكم تهذون
}{1كو23:14}.
{وهكذا أنت أيضاً إن لم تعطوا باللسان كلاماً يفهم .. فإنكم
تكونون تتكلمون
في الهواء }{1كو9:14}}فإن كنت لا أعرف قوة اللغة ، أكون عند
المتكلم
أعجمياً ، والمتكلم أعجمياً عندي }{1كو11:14}.
أقرأ كل الإصحاح
لتثبيت من نفس المعني …..
7)* الرسول اعتبر التكلم بألسنة تشويشاً ، إن لم يكن
للبنيان .
الكل ينادي بالتوبة . لا يجادل في أهميتها أحد .
ولكن التوبة عند الأرثوذكس شئ ، وعند الطوائف الأخري شئ مختلف تماماً ،
من
جهة ما هيتها ، ومفعولها ، واتمامها ، ولزومها للخلاص ، وما يتعلق بها من
أمور أخري . وسنتناول الآن هذه الخلافات واحداً فواحدا :
التوبة في
المفهوم الأرثوذكسي هي سر أسرار الكنيسة السبعة اسمه سر التوبة {
أما الطوائف
البروتستانتية – وهي لا تؤمن بأسرار الكنيسة – فلا تنظر إلي
التوبة كسر مقدس .
وهناك إذن فرق بين { التوبة}و{ سر التوبة}
ولهذا الفارق دلالاته ونتائجه
اللاهوتية . فما هي ؟
1)* التوبة } ســــــر { :
***
في
المفهوم الأرثوذكسي ، يمثل الاعتراف بالخطية جزءاً أساسيا من سر التوبة .
ونقصد
به الاعتراف علي الأب الكاهن { من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها
ويتركها
يرحم }{أم13:28}.
وقد مارس الناس الاقرار بالخطية { الاعتراف بها } في العهد
القديم { فإن
كان يذنب في شئ من هذه ، يقر بما قد أخطأ به ر ويأتي إلي الرب
بذبيحة لاثمه
}{لا5:5}، والكتاب مملوء بأمثلة من الاعتراف واستمر الأمر إلي آخر
نبي في
العهد القديم ، او فترة ما بين العهدين ، يوحنا المعمدان ، والذي أتاه
الناس من كل موضع { وأعتمدوا منه في الأردن ، معترفين بخطاياهم }{مت6:3}.
وفي العهد الجديد ، مارسوا الاعتراف بالخطية أيضاً .. { وكان كثيرون من
الذين آمنوا ، يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم }{أع18:19}{ واعترفوا بعضكم
علي بعض بالزلات }{يع16:5}.
أما الطوائف البروتستانتية فلا تعتقد بالاعتراف
، ولا تدخله ضمن نطاق
التوبة .
حقا أن التوبة عمل داخل القلب ، يشمل
الندم وتبكيت الضمير والعزم علي ترك
الخطية وتركها بالفعل ،قلباً وعملاً . ولكن
التوبة تتم داخل الكنيسة
بالاعتراف والتحليل …
من جهة الخاطئ ، والاعتراف
بالخطية ومن جهة الكاهن ، قراءة التحليل ومنح
المغفرة { اقبلوا الروح القدس ،
من غفرتم خطاياه تغفر له ، ومن امسكتم
خطاياه أمسكت }{يو20: 22،23}.
ويتبع
هذا أيضاً الإرشاد الذي يتلقاه التائب من أبيه الروحي ، لكيما يثبت
في توبته .
أما الطوائف البروتستانتية ، فتقدم توبة منفصلة تماما عن الكنيسة ، مجرد
عمل فردي لا علاقة له بالكهنوت . لن البروتستانتية لا تؤمن بالكهنوت إنما
تؤمن بعلاقة مباشرة مع الله . والطوائف البروتستانتية في هذا الأمر علي
نوعين :
وفي كل هذا ، لا يتحدث عن أهمية الاعتراف والتحليل
والتناول ، يتركها
لينساها الناس . وفي نفس الوقت يرون أمامهم كلاماً روحياً ،
فينخدعون به ،
وما أكثر البسطاء ، إنه طريق غير مكشوف ، وواجبنا أن نكشفه للناس
.
2)* التوبة والاعتراف :
3)* التـــوبـــة والكنيسة :
1)* نوع يهاجم
الاعتراف والكهنوت علناً . وهو النوع الأضعف لأنه مكشوف ،
يحترس منه الثابتون
في العقيدة ، كما أن آراء ظاهرة يمكن الرد عليها .
2)* النوع الثاني لا يهاجم
الاعتراف و لا الكهنوت ولا التناول ، لكنه يريد
أن ينسي الناس هذا الأسرار ،
بعدم الحديث عنها ، وبتقديم بديل لها ، كأن
يقول : أنت محتاج إلي التوبة ،
والرجوع إلي الله . اذهب إليه اطرح نفسك عند
قدميه ، اترك خطاياك عنده ليمحوها
بدمه ، وتخرج في الحال مبرراً . كأن لم
يخطئ من قبل . يغسلك فتبيض أكثر من
الثلج …
***
4)* التوبة والخلاص :
كثير من البروتستانت
يحاولون أن يبعدوا التوبة عن موضوع الخلاص ، في
تركيزهم علي دم المسيح ، قائلين
للناس ، أنت تخلصون بدم المسيح ، وليس
بالتوبة . فالتوبة عمل من الأعمال وأنت
لا تخلصون بالأعمال .
ونحن لا ننكر أن الخلاص يتم بدم المسيح . ولكن المسيح
نفسه يعلمنا أنه لا
خلاص بلا توبة . ويقول في ذلك { إن لم تتوبوا ، فجميعكم
كذلك تهلكون
}{لو3:13}.
إن التوبة لازمة للخلاص أنه لا يوجد أحد لا يخطئ ،
ومادامت هناك خطية
فللخطية عقوبة ، واجرة الخطية موت . ولا خلاص من هذا الموت
إلا بالتوبة .
التوبة تجعلنا مستحقين لدم المسيح . وإن لم تتوبوا فجميعكم كذلك
تهلكون .
تري كثير من الطوائف البروتستانتية أن التوبة هي عمل من أعمال
النعمة ، وإن
كل مجهودات الإنسان لا قيمة لها . يكفي أن يلقي الإنسان نفسه تحت
قدمي
المسيح فيخلصه من خطاياه .
والتعليم الأرثوذكسي يري أن كل حياة
الإنسان الروحية هي شركة بين الإنسان
والروح القدس . الروح القدس يعين ، ولكن
الإنسان لابد أن يجاهد . وإن لم
يجاهد يبكته الرسول بقوله { لم تقاوموا بعد حتي
الدم مجاهدين ضد الخطية
}{عب4:12}.
والكتاب يصور الحياة الروحية حربا إلي
سلاح الله الكامل إنها { مصارعة ليست
من لحم ودم ، بل مع أجناد الشر الروحية
}{أف6}، وهذه الحروب تحتاج بلا شك
أن يقاتل الإنسان وينتصر …
هذا القتال ،
هو ما عناه السيد المسيح في رسالته إلي ملائكة الكنائس السبع
بقوله { من يغلب
فسأعطيه }{رؤ3:2}. إن النعمة لا تعمل كل شئ ـ وإلا ما كان
الله يقول { ارجعوا
إلي أرجع إليكم }.
5)* التوبة وعمل النعمة :
***
الفكر
البروتستانتي يعتبر التوبة اختباراً ، ويشجع أن يحكوا للناس عن
اختباراتهم ،
فيسمع منهم عبارة { أنا كنت {كذا } وصرت الآن كذا { ويظل يحكي
عن خطاياه القديمة
أما الكل بلا خجل ، مغطيا اياها بما وصل إليه من نعمة !
وإنه صمت يقولون له
ر احكي اختباراتك }.
أما الأرثوذكسية فتمنع هذه القصص لأنها غالباً ما تحمل
افتخاراً بالتغير
الذي وصل إليه التائب …..
6)* التوبة والاختبارات :
تميل الأرثوذكسية إلي انسحاق نفس التائب ، متذكراً ما أساء به إلي
الله ،
مبللاً فراشة بدموعه كما فعل داود النبي .. أما البروتستانتية فتدعو
الناس
إلي الفرح الذي لا انسحاق فيه . بل كثيراً ما يتحول التائب حديثا إلي
خادم ،
بطريقة مباشرة ، لا تعطيه فرصة للحزن الداخلي علي خطاياه . ويعللون ذلك
بأنه يجب أن يفرح بالخلاص ..
7)* التوبة بين الفرح والانسحاق
:
وردنا علي ذلك أنه ، أنه في تناول خروف الفصح – وسط فرح الشعب بنجاحه من
سيف الملاك المهلك ، كان يأكل الفصح علي أعشاب مرة حسب أمر الرب {
خر8:12}.
والأعشاب المرة كانت تذكرهم بخطاياهم ، التي بسببها وقعوا في
عبودية فرعون
.. حقاً إن أكل الفصح يذكرهم بالخلاص وبهجته ، ولكن الفصح يجب أن
يؤكل علي
أعشاب مرة .
ما هو مركز { الأعشاب المرة } في التوبة بالمفهوم
البروتستانتي ؟!
إن أحد الكتب البروتستانتية هاجم حتي مجرد عبارة { يارب ارجم }
التي نقولها
في صلواتنا ، كما هاجم كل عبارات الانسحاق ، واتهمها بأنها ضد {
بهجة
الخلاص }!
إن ما نسميه في الأرثوذكسية { توبة } كثيرا ما يسميه
البروتستانت تجديدا ،
أو ولادة جديدة أو خلاصاً .. فيسالون بعضهم بعضاً { هل
تجددت ؟ هل خلصت ؟
هل اختبرت الولادة الجديدة !} .
ويكون كل ما يقصدونه هو
عملية توبة ، لا اكثر ولا أق . مر بها هذا الشخص …
في المفهوم الأرثوذكسي ، كل
هذه التعبيرات : التجديد ، الولادة الجديدة ،
الخلاص ، تتم في سر المعمودية .
أما التوبة فهي عملية تغيير في سلوك
الإنسان .
*
التوبة والتجديد :
***
إنها تسبق سر المعمودية ، كما قال بطرس
الرسول { توبوا وليعتمد كل واحد
منكم }{أع38:2}. وهي تسبق التنول كما قال
معلمنا بولس الرسول { 1كو11:
27-29}. وهي تسبق سر مسحة المرضي { يع5: 14-15}.
وهكذا باقي الأسرار مادامت الأسرار نتعماً من الروح القدس ، ينبغي إذن
التمهيد لها بنقاوة القلب بالتوبة .. أما البروتستانت ، فإذ لا يؤمنون
بأسرار ، ولا بالتوبة كسر فهذا الكلام كله خارج عن مفاهيمهم .
9)* التوبة
تسبق الأسرار :
***
البروتستانت لا يرون الحياة المسيحية حياة سلوك
وعمل ، بل هي حياة نعمة
وإيمان ، والأرثوذكسية يهمها الإيمان والنعمة ، ولكنها
تنادي مع الرسول {
بأعمال تليق بالتوبة }{مت8:3}. وتري أن السلوك المسيحي ،
ولازم للخلاص .
فإن كان البروتستانت يصرون علي أهمية الدم لتطهير الإنسان ،
فإننا نضع
أممهم قول يوحنا الرسول { في علاقة السلوك بالدم }{ولكن إن سلكنا في
النور
كما هو في النور ، فلنا شركة بعضنا مع بعض ، ودم يسوع ابنه يطهرنا من كل
خطية }
{1يو1: 7}… وهذا وضع السلوك كشرط . لا تطهير بالدم بدون التوبة .
التوبة
شرط أساسي .
10)* التوبة – السلوك ، والأعمال :
وساطة
الكنيسة
+++
قال القديس بولس عن عمل السيد المسيح الكفارى في الفداء
: { يوجد .. وسيط
واحد بين الله والناس ، الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه
فدية من أجد
الجميع }{1تي5:2ؤ. وواضح هنا أن الكلام عن الفداء .
وبنفس
المعني قال القديس يوحنا الرسول :{ إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الله
الآب : يسوع
المسيح البار . وهو كفارة لخطايانا . ليس لخطايانا فقط ، بل
لخطايا العالم كله
{1يو2: 1،2}. وواضح أن الكلام عن الكفارة والشفاعة
الكفارية .
إذن الوساطة
التي تحدث عنها بولس الرسول خاصة بالفداء .
والشفاعة التي تحدث عنها الرسول
خاصة بالكفارة ..
ولكن أخوتنا البروتستانت يستخدمون هاتين الآيتين إستخداماً
واسعاً يخرجهما
عن موضوع الكفارة والفداء ، غلي أنكار كل ما يعتقدونه وساطة بين
الله
والناس .
فيعتقدون بعلاقة مباشرة بين الله والناس ..
تجعلهم في
غير حاجة إلي الكهنوت ووساطة الكنيسة .!
هم يعتبرون الكهنوت وساطة ، فلا
يؤمنون به !!
وكذلك شفاعة القديسين وساطة . فلا يعتقدون بها !
وأيضاً
الإعتراف ، والتحليل هما من عمل الكهنوت ، فلا حاجة لهم بهما ، إنها
في علاقة
مباشرة يعترفون علي الله ، ويأخذون المغفرة منه مباشرة …
وحتي بعد الوفاة ، لا
أهمية في نظرهم للصلاة علي الموتي ، لأنها شفاعة من
الكنيسة فيهم ..! ولون من
الوساطة !
***
ولنضرب مثلاً آخر بالمعمودية .
الولادة الجديدة
التي ننالها في المعمودية {يو3: 5، تي 3،5}، وكذلك التبرير
وغفران الخطايا
بالمعمودية
{أع2: 38،22: 16}. يعتقد الإنسان البروتستانتي أنه ينال كل هذا
بمجرد
إيمانه . ويدخل الأمر إذن في علاقته المباشرة مع الله ، ولا حاجة إلي
الكهنوت والكنيسة …
كأن المعمودية لا قيمة لها ، ولا علاقة لها بموضوع
الخلاص !! وكأن السيد
المسيح لم يقل { من آمن واعتمد خلص }{مر16:16}. مع باقي
الآيات التي تربط
بين المعمودية والخلاص ، مثل {1بط3: 20،21}. {تي5:3}.
وهكذا يصل إلي الخلاص اللحظي ، أو الخلاص في لحظة !
ولأن المعمودية تتم عن
طريق الكهنوت والكنيسة ، إذن لا دخل لها في موضوع
خلاصه الذي يتوقف في اعتقاده
علي مجرد العلاقة المباشرة بينه وبين الله ،
دون وساطة الكنيسة ! أي بإيمانه
الشخصي …
الأيمان
وهنا أحب أن أسأل سؤالاً بخصوص هذا الإيمان
.
الإيمان الذي يري المسيحي البروتستانتي ، أنه ينال به التبرير والتجديد
والتبني ومغفرة الخطايا ، والخلاص عموماً…
حتي يقول البعض { كله
بإيمان }.
كيف ينال الإنسان الإيمان ؟ أليس عن طريق الكنيسة ؟
يقول القديس
بولس الرسول في شرح عبارة { كل من يدعو بأسم الرب يخلص
}{رو13:10}. { فكيف
يدعون بمن لم يؤمنوا به ؟ وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به
؟ وكيف يسمعون بلا كارز
؟ وكيف يكرزون لإن لم يرسلوا ؟ د
{ رو10: 14،15}. لإذن لابد من كارز يكون واسطة
للإيمان . وهذا الكارز لابد
أن ترسله الكنيسة .. إذن الكنيسة هي الوسيط الذي
يوصل الإيمان إلي الناس ،
والإيمان بالله . هوذا بولس الرسول يقول لهل كورنثوس
عن وساطته هو وزميله
أبلوس :
} فمن هو بولس ؟ ومن هو أبلوس ؟ بل خادمات
آمنتم بواسطتهما { } كو3: 5 {.
إذن كان بولس وأبلوس وسيطين ، عن طريقهما وصل
الإيمان إلي أهل كورنثوس .
ونفس الوضع قيل في الإنجيل عن يوحنا المعمدان الكاهن
{ هذا جاء للشهادة
ليشهد للنور ، لكي يؤمن الكل بواسطته }{يو7:1}. هذه إذن هي
أول وساطة بين
الله والناس : توصيل الناس إلي الإيمان بالله …
وإن لم
يكن هناك وسطاء بين الله والناس ، فماذا كانت إذن وظيفة الأنبياء
والرسل
والمعلمين ؟!
هوذا الكتاب يقول عن الرب { وهو اعطي البعض أن يكونوا
رسلاً ، والبعض
أنبياء والبعض مبشرين ، والبعض رعاة ومعلمين }{أف11:4}. لماذا ؟
ما هو عمل
كل هؤلاء ، إلا أن يكونوا وسطاء بين الله والناس . وذلك قال عن عملهم
{
لأجل تكميل القديسين ، لعمل الخدمة ، لبنيان جسد المسيح }{اف12:4}. إنهم
ينقلون الإيمان إلي الناس …
فهل إن آمنوا يتركونهم ؟! كلا ، بل يعمدونهم ؟
وهكذا قال السيد المسيح لرسله القديسين { اذهبوا إلي العالم أجمع .وإكرزوا
بالإنجيل للخليقة كلها . من آمن واعتمد خلص }{مر16: 15،16}. وقال لهم
أيضاً
{ أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم . وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح القدس .
وعلموهم جميع ما أوصيتكم به }{مت28: 19،20}.
وبعمل الكنيسة في الكرازة
والتعليم ، إنتشر الإيمان .
المعمودية
وكانت الكنيسة تعمد كل من
يؤمن ..
الذين آمنوا في يوم الخمسين منن اليهود ، عمدهم الرسل وكانوا نحو ثلاثة
آلاف { أع2: 37-41{. وعمدوا أهل السامرة
لما آمنون { أع8: 12،16}. والخصي
الحبشي لما آمن اعتمد {أع8: 37،38}..
وسجان فيلبي الذي قال له بولس الرسول {
آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك
}{أع31:16}. هذا { اعتمد في الحال ، هو
والذي له أجمعون }رأع33:16}. وكذلك
اعتمدت ليديا بائعة الأرجوان هي وأهل بيتها
{أع15:16}.
إذن كانت الكنيسة واسطة في نشر الإيمان ، وفي تعميد المؤمنين وأهلهم
…
هل يجرؤ أحد إذن أن يقول – في غير موضوع الكفارة والفداء – لا وسيط بين
الله والناس ؟ الكنيسة إذن كان من عملها الكرازة ونشر الإيمان . وكان
يقومون أيضا بتعميد المؤمنين . والكتاب كان يسميهم أحيانا { سفراء
}{2كو20:5}. أو { وكلاء الله }{ تي7:1}. أو { وكلاء سرائر الله }{1كو1:4}
وماذا أيضاً ؟
عهد الرب إليهم ايضاً بالتعليم ، الذي لم يعهد به لكل احد
.
التعليم
بعد أن عهد الرب لتلاميذه بالكرازة والتعميد ، قال لهم :
}
وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به {} مت20:8{.
وهكذا عطف الرسل علي { خدمة
الكلمة }{أع4:6}.، الكلمة التي قال عنها القديس
يعقوب الرسول { شاء فولدنا بكلمة
الحق }{1يع18:1}.. الكلمة توصل إلي
الإيمان ، والإيمان يوصل إلي المعمودية ،
والمعمودية بها الميلاد الثاني .
والأصل هو كلمة التعليم .
وكما قال القديس
بولس الرسول عن علاقة المسيح بالكنيسة { لكي يقدسها مطهرا
إياها بغسل الماء
بالكلمة }{أف26:5}. فالكلمة توصل الإيمان ، والإيمان يوصل
إلي المعمودية وغسل
الماء . وهذا الغسل من الخطايا يؤدي إلي التطهير
والتقديس
وكما أن
المعمودية والإيمان لهما علاقة بالخلاص {مر6:16}. كذلك كلمة
التعليم ..
هي
التي توصل إلي الإيمان والمعمودية ، ومن ثم إلي الخلاص .أو توصل إلي
التوبة
فالخلاص . هكذا قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف
{لاحظ نفسك
والتعليم وداود علي ذلك ز لأنك إن فعلت هذا ، تخلص نفسك والذين
يسمعونك أيضاً
}{1تي16:4}.
الولادة من اللة
إذن الكنيسة تلد الناس بالإيمان والمعمودية
.
تلدهم بالروح القدس { من الماء والروح }{يو5:3}. تلدهم لله ، فيصرون
أبناء
الله .. وفي هذا المعني يقول القديس بولس الرسول في رسالته إلي فليمون {
أطلب إليك من أجل ابني أنسيموس ، الذي ولته في قيودي }{ فل10}.وبولس
الرسول
كان بتولاً وهو هنا يقصد الولادة الروحية لأنسيموس . وبالمثل يقول لأهل
كورنثوس { وإن كان لكم ربوات من المرشدين ، لكن ليس آباء كثيرون . لأني
أنا
ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل }{1كو15:4}.
للكنيسة عمل آخر غير
ولادة أبناء الله ، وهو :
منح الروح القدس
الكنيسة هي الوسيط في منح
الروح القدس للمؤمنين المعمدين
هل يستطيع أحد ان يحيا حياة روحية بدون عمل
الروح القدس فيه ؟ وإن كان هذا
أمراً حيويا لكل مؤمن ، فكيف ينال الروح القدس ؟
يقول الكتاب أنه لما علم الرسل أن أهل السامرة قبلوا الإيمان ، أرسلوا
إليهم بطرس ويوحنا لإعطائهم الروح القدس { حينئذ وضعا الايادي عليهم ،
فقبلوا الروح القدس }{ أع17:8}. وبالمثل حدث لأهل افسس بعد عمادهم { لما
وضع بولس يديه عليهم ، حل الروح القدس عليهم }{أع6:19}.
ثم صار منح الروح
القدس بالمسحة المقدسة }1يو2: 20،27}.
وكيف ينال المؤمن هذه المسحة ؟ بواسطة
الكنيسة طبعاً ، لنه لا يمسح نفسه ..
هل نقول إذن : لا وسيط ؟! لقد نلت الروح
القدس عن طريق هذا الوسيط ….
والمسحة لها تاريخ طويل في العهد القديم ، منذ أن
أمر الرب موسى بعملها {
دهناً مقدساً للمسحة }{خر52:30}. ليمسح بها خيمة
الإجتماع والمذابح
والأواني { ويقدسها فتكون قدس أقداس }،، ويمسح بها هرون
وبنيه كهنة
{خر30: 25-30،40: 9-16}. وبالمسحة المقدسة مسح صموئيل الملوك فحل
عليهم
الروح القدس {1صم10:10،16: 13}.
وهنا يذكرنا بوساطة أخري للكنيسة ،
وهي :
اقامة خدام للرب
لا يمكن أن يبني ملكوت الله بدون خدام للرب .
والله عهد بهذا الأمر إلي
الكنيسة . خذوا مثلاً لذلك في إقامة برنابا وشاول
للخدمة . يقول الكتاب {
وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس :
أفرزوا لي برنابا وشاول
للعمل الذي دعوتهما إليه }{أع2:13}.
علي الرغم
من هذه الدعوة الإلهية إلا أن ذلك كان لابد أن يمر من خلال
القنوات الشرعية ،
أعني الكنيسة ووضع اليد …
يقول الكتاب { فصاموا حينئذ وصلوا ، ووضعوا عليهما
الأيادي وأطلقوهما فهذان
إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلي سلوكية }{أع4:13}.
فلم يعتبروا مرسلين
من الروح القدس ، فلا بعد أن نالا وضع اليد من الكنيسة .
نفس الوضع تقريبا نراه بالنسبة إلي تيموثاوس الأسقف .
يقول له القديس بولس
الرسول { أذكرك أن تضرم أيضا موهبة الله التي فيك بوضع
يدي }{2تي6:1}. إنها
موهبة من الله . ولكنها تنال بواسطة ، وهي وضع اليد
من سلطة كهنوتية في الكنيسة
.
ومع أن البروتستانت يؤمنون بوضع اليد في إقامة الخدام – والقياس مع
الفارق –
إلا أنهم لا يتكلمون عن الكنيسة كوسيط بين الله والناس {ومن له أذنان
للسمع فليسمع }{مت43:!3}.
الرعاية والتوبة
هل ترك الله خرافه بدون
رعاة ؟! كلا . يقول الرسول : وإحترزوا لأنفسكم
ولجميع الرعية التي أقامكم الروح
القدس فيها أساقفة ، لترعوا كنيسة الله
التي أقتناها بدمه }{أع28:20}.
أقامهم الله للاهتمام بأولاده ، فهم وكلاؤه .
ولعل من أهم الأمور مصالحتهم
مع الله بقيادتهم إلي التوبة . وفي هذا يقول
القديس بولس الرسول {وأعطانا خدمة
المصالحة .. إذن نسعي كسفراء عن المسيح ،
كأن الله يعظ بنا . نطلب عن المسيح :
تصالحوا مع الله}
{2كو5: 18،20}.
أليست هذه وساطة ؟! في عمل صلح بين الله
والناس .
ليتنا إذن نقرأ هذا المقال من أوله .. ونري عناصر الوساطة التي تقوم
بها
الكنيسة .
وكلها وساطة خاصة بالخلاص .
وهكذا يقول الرسول في قيادة
الناس إلي التوبة {من رد خاطئاً عن ضلال طريقة
يخلص نفساً من الموت ، ويستر
كثرة من الخطايا }{يع20:5} وايضاً { وخلصوا
البعض بالخوف ، مختطفين من النار
}{يه23}.
كما أن قيادة الناس للإيمان والمعمودية هي للخلاص أيضاً { مر16:16}.
والتعليم أيضا هدفه الخلاص كذلك {1تي16:4}.
وكذلك باقي الأمور التي تقوم
بها الكنيسة .
الأتجاة الى الشرق
إننا نبني كنائسنا إلي الشرق .
ونصلي ونحن متجهون إلي الشرق ، لأن الشرق
يوجه قلوبنا إلي تأملات نعتز بها ،
حتي أصبح بالنسبة إلينا رمزا . وأيضا من
أجل أهمية الشرق في فكر الله كذلك ، فإن
كان الله قد اهتم به ، فلنهتم به
بحن أيضا …
***
وشروق الشمس رمز
للسيد المسيح ونوره . وقد سمي الرب { شمس البر } وقيل {
تشرق شمس البر ،
والشفاء في أجنحتها }{ملاخي2:4}.
1)* قبل أن يخلق الإنسان ، اعد الله الشرق
كمصدر للنور . ورأي الله النور
أنه حسن وفي لغتنا نقول عن ظهور الشمس أنه
شروقها . واصبحت عبارة تشرق
الشمس أي تظهر من الشرق ، أي تنير . والشمس خلقت في
اليوم الرابع قبل خلص
الإنسان في اليوم السادس {تك1}.
***
وصار
اتجاه الإنسان إلي الشرق ، يرمز لتطلعه إلي الفردوس الذي حرمته منه
الخطية ،
ويرمز لتطلعه إلي شجرة الحياة .
2)* وقبل خلق الإنسان أيضا ، غرس له الله جنة
عدن شرقا {تك8:2}. ووضعه فيها
، وهناك أياض كانت شجرة الحياة ، وكانت الحياة
الأولي للإنسان قبل الخطية ،
وجنة عدن ترمز إلي الفردوس الذي نتطلع إليه.
***
{حزقيال 44: 1،2}.
3)* ونلاحظ أيضا أن السيد المسيح
ولد في بلاد الشرق ، والمجوس رأوا نجمه في
المشرق { مت2:2}. وكان هذا النجم يرمز
إلي الإرشاد الإلهي . ولما تبعه
المجوس قادهم إلي الري . ما أجمل هذا التأمل !
4)* والمسيح الذي ولد في الشرق ، ونجمه في المشرق ، شبهت أمه العذراء بباب
في المشرق
5)* وهكذا نري أن الخلاص قد أتي إلي العالم من المشرق . فالمسيح
صلب أيضا
في بلاد المشرق ، وهناك بذل دمه عن غفران خطايا العالم كله .
***
6)* وفي المشرق بدأت الديانة والكنيسة . في الشرق أورشليم ،
مدينة الملك
العظيم ، وفيه تأسست أول كنيسة في العالم . ومن الشرق امتدت رسالة
الإنجيل ،
إلي العالم كله . وفيه سالت دماء أول شهيد في المسيحية .
***
ففي { أش15:24}{ في المشارق مجدوا الرب } وفي سفر حزقيال نبوءة عن مجيء
المسيح في مجده من المشرق . يقول { وإذا مجد إله إسرائيل جاء عن طريق
المشرق ، وصوته كصوت مياه كثير ، والأرض أضاءت من مجده }{حز43: 1،2}.
7)*
كذلك الكتاب المقدس تحدث كثيرا عن أن مجد الله في المشرق .
***
{
إن المجيء الثاني سيكون من المشرق وكما صد هكذا يأتي }{أع11:1}. ففي
نبوءة
زكريا {14: 3،4}. أن { الرب تقف قدماه في ذلك اليوم علي جبل الزيتون
الذي قدام
أورشليم من المشرق }.
*
لذلك فإن غالبية اللاهوتيين يقولون :
***
في حزقيال {47: 1-19}يتكلم
عن { أنهار حياة في المشرق }وفي {2مل13: 17}
يتكلم في الشرق عن { سهم خلاص الرب
} وفي {أش15:24}{ في المشارق مجدوا الله
}.
9)* الكلام عن المشرق جميل
وذكرياته حلوة :
***
ولها مفعولها الروحي في النفس . ويعجبني أن
دانيال النبي حينما تحدي
العبادات الوثنية ، وصعد إلي عليته ليصلي ، فتح الطاقة
التي تطل علي
أورشليم ، وركع وصلي … حقاً إن الله موجود في كل مكان ، ولكن
الاتجاه إلي
أورشليم في الشرق كان له معني وتأثير عميق في القلب ، والذكريات
تعطي القلب
أهمية لأمكنة معينة ، تثير ذكراها عواطف مقدسة .
10)* إن
الذكريات لها في القلب تأثير :
***
والمسيح نفسه ، في أكثر من
منسابة ، نظر إلي فوق ، مع أن الآب فيه وهو في
الآب . ولكن النظر إلي فوق له
دلاله خاصة …
11)* إننا لسنا عقلاً صرفا في عبادتنا : فالحواس تعمل ، وتتأثر
، وتؤثر في
مشاعر الروح . ومثال ذلك . أننا نصلي ونرفع نظرنا إلي فوق ، بينما
الله
موجود في كل مكان .. ولكن النظر إلي فوق ، يحرك في قلوبنا مشاعر روحية
لصلاتنا عمقاً خاصا . كذلك الاتجاه إلي الشرق …
***
12)*
ونحن حينما ننظر إلي الشرق ، إنما نتجه إلي المذبح الموجود في الشرق ،
لأن
الذبيحة لها في قلوبنا الروحية ، والمسيح فصحنا ، كان ذبيحة في الشرق
.
***
13)* وفي المعمودية ، بطريقة رمزية أيضا، يتجه المعمد
وأشبينه نحو الغرب
لجحد الشيطان ، ثم يتجهان إلي الشرق لتلاوة قانون الإيمان ،
وبهذا يشعر أنه
في المعمودية ينتقل من الغرب إلي الشرق ، أي من الظلمة إلي النور
.
***
14)* ونحن نسأل : لماذا يحارب البروتستانت الشرق بكل ما يحمل
من رموز ومن
معان روحية وتأملات زكريا مقدسة ، تسندها نصوص من الكتاب المقدس .
ولا يوجد
في ذلك أي خطأ عقيدي يثير الغيرة المقدسة؟!
***
اكرام
الصليب
من الخلافات التي بيننا وبين البروتستانت اكرامنا العجيب للصليب .
ومن ذلك
رشم الصليب . فهم لا يرشمون ذاتهم بعلامة الصليب قبل الصلاة ولا بعدها
قائلين باسم الآب والابن والروح القدس . ولا يرشمون الطعام بعلامة الصليب
قبل الأكل ولا يستخدمون الصليب للبركة . ولا في رشم الناس ، ولا في رشم
الملابس .
ويكتفي البروتستانت بإيمان قلوبهم بالصليب دون استخدامه . وكانوا
إلي عهد
قريب لا يعلقونه علي الكنائس . وكثير منهم لا يعلقونه علي صدورهم .
وكلهم
لا يمسكون صليباً في أيديهم . وهم أيضا لا يحتفلون بأعياد الصليب ، ولا
بموكب له ، ولا يطوفون به بالأناشيد والألحان .
وهم أيضا لا يقبلون الصليب
، ولا يأخذون بركته .
وسنحاول الآن أن نشرح لماذا اهتمامنا هذا كله بالصليب .
ونري كيف أن رشم
الصليب نافع ومفيد موافق لتعليم الكتاب المقدس .
***
وذلك منذ بدء خدمته ، وفي أثناء تعليمه ، قبل أن يصلب .
فقد قال {
من لا يأخذ صليبه ويتبعني ، فلا يستحقني { مت38:10}. وقال { إن
أراد أحد أن
يأتي ورائي ، فلنكر نفسه ، ويحمل صليب ويتبعني }{مت24:16}،
{مر34:8}. وفي حديثه
مع الشاب الغني قال له { اذهب بع كل مالك واعطه
للفقراء .. وتعال اتبعني حاملا
الصليب }. وقال أيضا { من لا يحمل صليبه
ويأتي ورائي ، لا يقد أن يكون لي
تلميذاً }{ لو27:14}.
من الأشياء الجميلة أن الملاك المبشر بالقيامة قال
للمريمتين { أنكما
تطلبان يسوع المصلوب . ليس هو ههنا ، لكنه قد قام كما قال
}{مت5:28}. وهكذا
سماه { يسوع المصلوب }مع أنه كان قد قام . وظل لقب المصلوب
لاصقاً به وقد
استخدمه آباؤنا الرسل . وركزوا علي صلبه في كرازتهم .
ففي
كرازة القديس بطرس ، قال لليهود { يسوع لذي صلبتموه أنت }{أع36:2ؤز
والقديس
بولس الرسول يركز علي هذه النقطة فيقول {لكننا نحن نكرز بالمسيح
مصلوبا
}{1كو23:1}، علي الرغم من أن صلبه هذا كان يعتبر { لليهود عثرة
ولليونانيين
جهالة }.
ويعتبر الرسول أن الصليب جوهر المسيحية فيركز عليه قائلا { لأنني لم
أعزم
أن أعرف شيئا بينكم ، إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً }{1كو2:2}. أي أن هذا
الصليب هو الأمر الوحيد الذي أريد أن أعرفه .
***
فيقول القديس بولس
الرسول { وأما من جهتي ، فحاشا لي أن افتخر إلا بصليب
ربنا يسوع المسيح
}{غل14:6}. وإن سألناه عن السر في هذا يكمل قائلا {هذا
الذي به قد صلب العالم
لي ، وأنا للعالم }{غل14:6}.
1)* تركيز السيد المسيح علي الصليب :
2)* وقد
كان الصليب موضوع كرامة الملاك والرسل :
3)* وهكذا كان الصليب موضوع فخر الرسل
:
***
نتذكر محبة الله لنا ، الذي من أجل خلاصنا ، قبل الموت عنا
{كلنا كغنم
ضللنا ، ملنا كل واحد إلي طريقة . والرب وضع عليه إثم جميعا
}{أش6:53}.
حينما نرشم الصليب نتذكر { حمل الله الذي حمل خطايا العالم
}
{يو1: 29}{1يو2:2}.
إن الذين يأخذون الصليب بمجرد معناه الروحي داخل
القلب ، دون أية علاقة
ظاهرة ، لا يظهرون هذه التبعية علناً ، التي نعلنها برشم
الصليب ، وبحمل
الصليب علي صدورنا . وبتقبيل الصليب أمام الكل ، وبرشمه علي
أيدينا ،
وبرفعه علي اماكن عبادتنا .
إننا بهذا كله ، إنما نعن إيماننا
جهارا ، ولا نستحي بصليب المسيح أمام
الناس ، بل نفتخر به ، ونتسمى به . ونعيد
له أعيادا .. ونتمسك به .. حتي
دون أن نتكلم مجرد مظهرنا يعلن إيماننا .
كما أنه ليس جميع الناس في مستوي روحي واحد ، لا يحتاجون فيه إلي الحواس .
إن الحواس تتغذى بكل ما سبق ، ولا تقتصر علي ذاتها ، بل تنقل تأثراتها إلي
العقل وإلي الروح .. وربما العقل لا يتذكر الصليب من تلقاء ذاته ، أو
يتذكره كثيرا ولكنه عن طريق الحواس ، حينما يري الصليب مرسوما أمامه ،
يتذكر ما يختص بالصليب وبالمصلوب من مشاعر ومن معان روحية ولاهوتية …
وهكذا
نعبد الله روحا وعقلا وجسدا . وكل هذا يقوي بعضه بعضا .
4)* ونحن حينما نرشم
الصليب ، نتذكر كثيرا من المعاني اللاهوتية والروحية
المتعلقة به :
5)* وفي
رشمنا للصليب نعلن تبعيتنا لهذا المصلوب :
6)* إن الإنسان ليس مجرد روح ، أو
مجرد عقل ، بل له ايضا حواس جسدية يجب أن
تحس الصليب بالطرق السابقة :
***
وبهذا نعلن في كل مرة عقيدتنا بالثالوث القدوس الذي هو إله
واحد ، إلي
الأبد آمين . وهكذا يكون الثالوث في ذهننا باستمرار ، الأمر الذي لا
يتاح
للذين لا يرشمون الصليب مثلنا .
فنحن إذ نرشم الصليب من فوق إلي
تحت ن ومن الشمال إلي اليمين ، إنما نتذكر
ا، الله نزل من السماء إلي تحت إلي
أرضنا ، فنقل الناس من الشمال إلي
اليمين ، من الظلمة إلي النور ، ومن الموت
إلي الحياة ، وما أكثر التأملات
التي تدور بقلوبنا وأفكارنا من رشم علامة
الصليب .
7)* ونحن لا نرشم الصليب علي أنفسنا في صمت ، إنما نقول معه باسم الآب
والابن والروح القدوس :
*
وفي الصليب ايضا نعلن عقيدتي التجسد والفداء :
***
كل من يرشم
الصليب ، حينما يصلي ، وحينما يدخل إلي الكنيسة ، وحينما يأكل ،
وحينما ينام ،
وفي كل وقت ، إنما يتذكر الصليب ، وهذا التذكر مفيد روحيا
ومطلوب كتابيا . وفيه
تعليم الناس ، إن المسيح قد صلب وتعليم بالذات
لأولادنا الصغار الذين يشبون من
صغرهم متعودين علي الصليب .
9)* وفي رشمنا للصليب تعليم ديني لأولادنا ولغيرهم
:
***
وهذه وصية الرب لنا أن نبشر بموته { الذي لجل فدائنا } إلي
أن يجئ
{1كو26:10}. ونحن برشم الصليب نتذكر موته كل حين ، نظل نتذكره إلي أن
يجئ .
ونحن نتذكره كذلك في سر الأفخارستيا . ولكن هذا السر لا يقام في كل
وقت
بينما الصليب يمكن أن نرشمه في كل وقت ، متذكرين موت المسيح عنا …
10)*
وبرشمنا الصليب إنما نبشر بموت الرب عنا حسب وصيته :
***
لأنه لولا
ذلك ما مات المسيح . كنا نحن { أمواتا بالخطايا }{أف5:2}. ولكن
المسيح مات عنا
علي الصليب واعطانا الحياة . وعلي الصليب إذ دفع الثمن قال
للآب { يا أبتاه
أغفر لهم }.
11)* وفي رشمنا للصليب ، نتذكر أن عقوبة الخطية موت :
***
نتذكر أن الصليب ذبيحة حب . لأنه { هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه
الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية }{ يو16:3}.
12)* وفي رشمنا الصليب نتذكر محبة الله لنا :
***
القديس بولس
الرسول يشعر بقوة الصليب هذه فيقول { به صلب العالم لي ، وأنا
للعالم } { غل
14:6 } . ويقول أيضاً { أن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة .
وأما عندنا نحن
المخلصين فهي قوة الله } { 1كو18:1} .
لاحظوا هنا أنه لم يقل أن عملية الصليب
هي قوة الله ، إنما قال إن مجرد {
كلمة الصليب } هي قوة الله .
لذلك نحن
حينما نرشم علامة الصليب ، وحينما نذكر الصليب ، ونمتلئ قوة .
لأننا نتذكر أن
الرب بالصليسب داس الموت ، ومنح الحياة لكل الناس . وقهر
الشيطان وغلبه ، ولذلك
…
13)* ونحن نرشم الصليب لأنه يمنحنا القوة :
***
كل تعب
الشيطان منذ آدم إلي أخر الدهور ، ضاع على الصليب ، إ ذ دفع الرب
الثمن ، ومحا
جميع خطايا الناس بدمه ، ممن يؤمنون ويطيعون لذلك فإن الشيطان
لذلك فإن الشيطان
كلما يرى الصليب يرتعب متذكراً هزيمته الكبرى وضياع تعبه
، فيخزي ويهرب
.
وهكذا كان أولاد الله يستخدمون باستمرار علامة الصليب باعتبارها علامة
الغلبة والانتصار ، أو هى قوة الله . فمن جهتنا نمتلئ قوة من الداخل ، أما
عن العدو في الخارج فهو يرتعب .
وكما كانت ترفع الحية النحاسية في القديم
شفاء للناس وخلاصاً من الموت ،
هكذا رفع رب المجد على الصليب
{ يو 14:3 } ،
وهكذا علامة الصليب في مفعولها .
14)* فنحن نرشم الصليب لأن الشيطان يخافه :
***
كان العالم كله يقع تحت حكم اللعنة بالموت بسبب الخطية . ولكن
على الصليب
حمل الرب كل لعناتنا لكي يمنحنا بركة المصالحة مع الله { رو10:5 } .
وبركة
الحياة الجديدة النقية ، وبركة العطية في جسده ، وكل نعم العهد الجديد
مستمدة من الصليب .
لذلك استخدم رجال الإكليروس هذا الصليب في منح البركة ،
اشارة إلي أن
البركة لا تصدر منهم شخصياً ، إنما من صليب الرب الذي ائتمنهم على
استخدامه
في منح البركة . ولأنهم يستمدون كهنوتهم من كهنوت هذا المصلوب .
وكل بركات العهد الجديد نابعة من صليب الرب وفاعليته .
15)* ونحن نرشم
علامة الصليب فنأخذ بركته :
)* لذلك فكل الأسرار المقدسة في المسيحية
تستخدم فيها الصليب :
لأنها كلها نابعة من استحقاقات دم المسيح علي الصليب
.
فلولا الصليب ، ما كنا نستحق أن نقترب إلي الله كأبناء في المعمودية وما
كنا نستحق التناول من جسده ودمه في سر الأفخارستيا {1كو26:11}. وما كنا
نستطيع التمتع ببركات أس سر من أسرار الكنيسة .
***
نتذكر
قول القديس بولس الرسول { مع المسيح صلبت . فأحياء لا أنا بل المسيح
يحيا في
}{غل20:2}. وقوله أيضا { لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها
بموته
}{في10:3}. وهنا نسأل أنفسنا متي ندخل في شركة آلام الرب ونصلي معه .
وهنا نتذكر
اللص الذي صلب معه ، فاستحق أن يكون في الفردوس معه .
ولعله صار في الفردوس
يغني بالأغنية التي قالها القديس بولس فيما بعد {مع
المسيح صلبت }…
كل
أمنياتنا أن نصعد علي الصليب مع المسيح . ونفتخر بهذا الصليب الذي نذكره
الآن
كلما تلامس مع حواسنا .
17)* ونحن نهتم بالصليب ، لنتذكر الشركة التي لنا فيه :
***
الآب الذي تقبل المسيح علي الصليب بكل سرور كذبيحة خطية ،
وكمحرقة أيضا {
رائحة سرور للرب }{لا1: 9،13،17}. وقال اشعياء النبي في ذلك {
أما الرب فسر
أن يسحقه بالحزن }{اش10:35}.
إن السيد المسيح أرضي الآب بكمال
حياته علي الأرض ، ولكنه دخل في ملء هذا
الارضاء علي الصليب ، حيث أطاع حتي
الموت ، موت الصليب }{في8:2}.
ففي كل مرة ننظر ‘لي الصليب نتذكر كمال الطاعة ،
وكمال الخضوع لكي نتمثل
بالسيد المسيح في طاعته ، حتي الموت .
وكما كان
الصليب موضع سرور للآب ، كان هكذا أيضا بالنسبة إلي الابن المصلوب
الذي قيل عنه
{من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي
}{عب2:12}.
وهكذا كان ملء سرور المسيح في صلبه . ليتنا نكون هكذا .
18)* ونحن نكر
الصليب ، لأنه موضع سرور الآب :
***
بنفس شعورنا في اسبوع الآلام
.. ونذكر في ذلك ما قيل عن موسى النبي { حاسبا
عار المسيح غني اعظم من خزائن مصر
}{عب26:11}. وعر المسيح هو صلبه وآلامه .
19)* وفي الصليب ، نخرج إليه خارج
المحلة ، حاملين عاره} عب12:13{.
***
كما ورد في الإنجيل عن نهاية
العالم ومجيء الرب { وحينئذ تظهر علامه ابن
الإنسان في السماء {أي الصليب }.
ويبصرون ابن الإنسان آتيا علي سحاب السماء
..}{مت30:24}. فلنكرم علامة ابن
الإنسان علي الأرض ، مادمنا نتوقع علامته
هذه في السماء في مجيئه العظيم .
20)* نحمل صليب المسيح الذي يذكرنا بمجيئه الثاني :
الأنوار والشموع
الكنيسة الأرثوذكسية تتميز بأنوارها . وتستخدم الشموع في صلواتها ، وعند
قراءة
الإنجيل ، وأمام أيقونات القديسين ، وعلي المذبح ، وأمامه في شرقيته ،
وفي
الهيكل عموماً وتبقي الكنيسة مضيئة باستمرار . ولها برج عال يسمي
المنارة ..
والبروتستانتية لا تستخدم شيئا من هذا كله ، بكل ما حيوي من
رموز .
لذلك
سنتعرض في هذا المقال المختصر عن الأنوار في الكنيسة والحكمة فيها ،
وما تحويه
من معان روحية .
***
الذي أطلق علي أول بيت لله ، إذ قال أبونا
يعقوب أوب الآباء { ما أرهب هذا
المكان . ما هذا إلا بيت الله ،
وهذا باب
السماء }{تك17:28}.
وفي تشبيه الكنيسة بالسماء ، ينبغي أن تضئ فيها الأنوار
كالكواكب في السماء
.
1)* الكنيسة نفسها لقبت في الكتاب المقدس بلقب منارة .
وهذا واضح في سفر
الرؤيا . إذ رأي يوحنا الإتجيلى الرب يسوع وسط منائر من ذهب .
وكانت {
المناير السبع هي السبع الكنائس ؤ{رؤ20:1}.
2)* الكنيسة نشبهها
بالسماء ، علي اعتبار أنها بيت الله أو مكسنه كالسماء .
وقد كان هذا هو تقريبا
التعبير
***
3)* أو قد تمتد الأنوار في الكنيسة إلي ملائكة السماء ،
أو الملائكة التي
كانت تصعد وتنزل علي السلم الذي رآه أبونا يعقوب في بيت آيل {
بيت الله
}{تك12:28}. والملائكة يمكن أن يرمز إليهم النور ، إذ يسمون أيضا
بملائكة
النور {2كو14:11}.
***
{ كان هو السراج الموقد المنير
. وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة
}{يو35:5}.
ولما كانت الكنيسة مملوءة
بالملائكة . وبالقديسين ، إذن ينبغي أن يكون
مملوءة بالأنوار .
4)* أو قد
ترمز أنوار الكنيسة إلي القديسين ، الذين يقول لفم الرب { فليضئ
نوركم هكذا
قدام الناس }{مت16:5}. وشبههم في تلك المناسبة بالسراج الذي
يوضع علي المنارة
{مت15:5}. وذكر الإنجيل أيضا أن { الأبرار يضيئون كالشمس
في ملكوت أبيهم
ؤ{مت43:13}. والقديس يوحنا المعمدان – كمثال – قال عنه
السيد المسيح لليهود
***
5)* بل ينبغي أن تكون الكنيسة مملوءة بالأنوار ، أولا وقبل كل
شئ لحلول
الله فيها ، والله نور {1يو5:1}. وقد قال السيد المسيح عن نفسه {أنا
نور
العالم }{يو12:8}.
***
هذا أمر إلهي ، أصدرها لله الذي قال
{ ليكن نور ، فكان نور }في اليوم الأول
{ ورأي الله النور أنه حسن }
{تك1:
3،4}.
6)* والكنيسة تضاء بالأنوار ، علي مثال خيمة الاجتماع والهيكل وكلاهما
كانت
مملؤتين بالأنوار . لا تنطفئ سرجهما أبدأ . وأمر الرب بإضاءة السرج بزيت
الزيتون النقي ، ويشرف علي هذا الأمر هارون وبنوه كفريضة أبدية . وقال في
ذلك { وأنت تأمر بين إسرائيل أن يقدموا إليك زيت زيتون نقي مرضوض نقياً
للضوء لاصعاد السرج دائماً . في خيمة الاجتماع خارج الحجاب الذي أمام
الشهادة ، يرتبها هارون وبنوه من المساء إلي الصباح أمام الرب ، فريضة
دهرية في أجيالهم }{خر27: 20،21}.
***
اقامة خدام للرب
)* والسرج
التي تضاء بالزيت ، لها معني روحي ، لأن الزيت يرمز ل
لا يمكن أن يبني ملكوت
الله بدون خدام للرب . والله عهد بهذا الأمر إلي
الكنيسة . خذوا مثلاً لذلك في
إقامة برنابا وشاول للخدمة . يقول الكتاب {
وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال
الروح القدس : أفرزوا لي برنابا وشاول
للعمل الذي دعوتهما إليه }{أع2:13}.
علي الرغم من هذه الدعوة الإلهية إلا أن ذلك كان لابد أن يمر من خلال
القنوات الشرعية ، أعني الكنيسة ووضع اليد …
يقول الكتاب { فصاموا حينئذ
وصلوا ، ووضعوا عليهما الأيادي وأطلقوهما فهذان
إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا
إلي سلوكية }{أع4:13}. فلم يعتبروا مرسلين
من الروح القدس ، فلا بعد أن نالا وضع
اليد من الكنيسة .
نفس الوضع تقريبا نراه بالنسبة إلي تيموثاوس الأسقف .
يقول له القديس بولس الرسول { أذكرك أن تضرم أيضا موهبة الله التي فيك
بوضع
يدي }{2تي6:1}. إنها موهبة من الله . ولكنها تنال بواسطة ، وهي وضع اليد
من سلطة كهنوتية في الكنيسة .
ومع أن البروتستانت يؤمنون بوضع اليد في
إقامة الخدام – والقياس مع الفارق –
إلا أنهم لا يتكلمون عن الكنيسة كوسيط بين
الله والناس {ومن له أذنان
للسمع فليسمع }{مت43:!3}.
الرعاية
والتوبة
هل ترك الله خرافه بدون رعاة ؟! كلا . يقول الرسول : وإحترزوا لأنفسكم
ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة ، لترعوا كنيسة الله
التي أقتناها بدمه }{أع28:20}.
أقامهم الله للاهتمام بأولاده ، فهم وكلاؤه
.
ولعل من أهم الأمور مصالحتهم مع الله بقيادتهم إلي التوبة .