pnt ava karas المسئول عن المنتدى
عدد المساهمات : 2212 تاريخ التسجيل : 27/06/2012
| موضوع: سيرة مار أفرام السرياني - البطريرك زكا عيواص للسريان الارثوذكس الجمعة فبراير 08, 2013 3:10 pm | |
| وذكس سيرة مار أفرام السرياني
البطريرك زكا عيواص
بطريرك انطاكية وسائِر المشرق على السريان
مار افرام السرياني
سيرته - مؤَلفاته - اقوال مأَثورة له - بعض ما قيل فيه سيرتهوُلد مار افرام في مدينة نصيبين في مطلع القرن الرابع للميلاد ، من ابوين مسيحيين ، ويَذكر في احدى كتاباته التي نُقلت الى اليونانية في عهده ثم نقلت الى العربية بعدئذ "انّ اللذين ولداه بالجسد ثقّفاه في الايمان المسيحي وربّياه على مخافة الربوحدّثاه عما سبق فكابده آباؤه من العذاب في سبيل الحفاظ على الايمان وحبالسيد المسيحتَتلمذ ، في شرخ شبابه ، لمار يعقوب اسقف نصيبين ، واعتمد على يديه وهو ابن ثماني عشرة سنة فاحبّههذا كثيراً واتخذه تلميذاً وكاتباً في آن واحد ورسمه شماساً والبسه الثوبالرهباني ، واصطحبه عام 325م الى مجمع نيقية ، وعلى اثر عودتهما من المجمعاسّس مار يعقوب في نصيبين مدرسة سلّم زمام التعليم فيها الى تلميذه مارافرام . وبعد انتقال مار يعقوب إِلى جوار ربه سنة 338م تسلّم مار افرامادارة المدرسة ، وفيها نظّم القصائد البديعة والأناشيد الشجيّة التي تُعرفبالنصيبينية ، وتُعد صوراً رائعة لحياة ذلك العصر في تلك المنطقة ، ففيهايصف لنا ما قاسته مدينته في الحصارات والحروب ، حيث كانت بحكم موقعها علىحدود الدولتين الفارسية والرومانية ، تتعرّض لحروب طاحنة ، فتخضع لسلطانالفرس حيناً والرومان احياناً ، وقد عاصر مار افرام هذه المآسي في الاعوام 338 و 359 و 363 ، ويظهر بكتاباته ما كان يكنّه قلبه الكبير وقلب كل مواطن صالح من ايمان بالله واتكال عليه تعالى ، كما انّه يقوّم ويثمّن مواقف رجالات الكنيسة المشرفة ، بتشجيع رعيتهم اوقات الحروب للدفاع عن المدينة ببسالة باذلين في سبيل ذلك النفس والنفيس كما يقرض اساقفة نصيبين وهم مار يعقوب (+ 338) وخلفاءه بابويه (338-349) وولغش (349-361) وإِبراهيم (361- )وكانت اللغة السريانية لغة التدريس الرسمية في مدرسة نصيبين حيث كانت نصيبين في القرن الرابع مدينة سريانية قلباً وقالباً ، لغة وحضارة . وكانت مدرسة نصيبين تتّبع في الفلسفة طريقة مدرسة انطاكية التي كانت تعتمد على ارسطو اكثر من افلاطون ، وكانت مبادئها توجب في كل موضوع بساطةً في المنهج ، وكمالاً في الايضاح ، وادراكاً في تعليم الايمانوقد تخرّج في هذه المدرسة علماء نوابغ ، ولا غرو فقد كان مديرها واستاذها الاول مار افرام عملاق الادب السرياني ، الذي منذ نعومة اظفاره كان يقضي بياضَ نهاره وسوادَ ليله في الدرس والتحصيل مكبّاً على مطالعة الكتاب المقدس فتعمّق في علومه ، واتقن اللغة السريانية وآدابها حتى عُدّ في الرعيل الاول بين اقطابها بل هوفارسها الذي لايجاريوكان مار افرام صوّاما قوّاما ، ذبل جسده ورقّ نتيجة لتطرفه واغراقه في حياة الزهد ، وقد وصفه مار غريغوريوس النوسي (+396) قائلا : " انه لم ياكل سوى خبز الشعير والبقول المجفّفة ، ولم يشرب سوى الماء ، حتى حاكى هيكلاً عظيماً بل تمثالاً منالفخار ، امّا لباسه فكان ثوباً خلقاً بل اطماراً بالية"ولم تكن الرهبانية لديه تصوّفا وانقطاعاً عن العالم وصوماً وصلاةً فحسب بل كانت ايضاً خدمة للانسانية ، ووسيلة لحفظ التراث القومي ، لذلك جعل من الاديرة مركزاً مهماً للعلم والمعرفة حيث ازدهرت العلوم والآداب ، واقتداءً به اكبّ تلاميذه ومنبعدهم اغلب الرهبان السريان على الدرس والتحصيل ، وعكفوا على البحثوالتأَليف ، فتركوا لنا آثاراً ادبية قيّمة ونفيسة تعجّ بها مكتبات العالماليوم وبذلك اسهموا في رُقي بلادهم وازدهارها ونشر الحضارة فيهاوعندما سُلمت نصيبين الى الفرس سنة 363م هجرها مار افرام وبرفقته نخبة طيبة من اساتذه مدرستها وتلامذتها وجاءوا الى الرها ، فكان مار افرام تارةً يتنسك في مغارة في جبلها المقدس ، وتارةً يتفرغ للتدريس في مدرستها الشهيرة التي كانت قد اسست في فجر المسيحية فجدّدها مار افرام وصحبه وازدهرت على ايديهم ، ودامت حتى عام 489 . وكان تلامذتها - واغلبهم من بلاد فارس - يتلقون دروساً في شرح الكتاب المقدس بعَهديه معتمدين بذلك على تفسير مار أَفرام وهو اقدم من فسّر الكتاب المقدس عند السريان ، كما كانوا ياخذون عنه العلوم اللاهوتية لاثبات حقائق الدين المبين ومناهضة تعاليم طيطيانس ومرقيون وبرديصان وماني وآريوس ، وبدعهم الوخيمة . فَعَدت كتاباته مثالاً للتعاليم اللاهوتية في الكنيسة السريانيةواهتمّت مدرسة الرها ايضاً بتدريس الفلسفة على مذهب ارسطو وتلقين طلابها العلوم اللغوية والادبية باللغتين السريانية واليونانيةوقيل انّ مار افرام قد زار الانبا بشواي وغيره من النسّاك في مصر . كما زار بعدئذ القديس مار باسيليوس اسقف قيصرية قبدوقية ( +379 ) . ويستبعد بعض النقاد هاتين الزيارتينوفي الرها الّف مار افرام اول جوقة ترتيل من الفتيات السريانيات اللواتي علمهنّ ما ابتكره ، او ما كان اقتبسه من الانغام الموسيقية ، وما نظّمه من القصائد الروحية ، والتراتيل الشجيّة التي ضمنها العقائد الدينية وصورة الايمان المستقيم ، فكنّ يتغنين بها في الكنيسة اثناء الصلاة20. فالى مار افرام يعود الفضل في تنظيم الحياة الطقسية في الكنيسة السريانية وبتآليف الجوقات الكنسيةوعندما حلّت المجاعة في الرها في شتاء عام 372 - 373 ومات عدد غير يسير من اهلها اخذ مار افرام يطوف دور الاغنياء ويحثّهم على اعمال الرحمة ويجمع منهم الصدقات ويوزعها على الفقراء . كما اسّس دوراً جمع فيها ثلاثمائة سرير وقيل الفاً وثلاثمائة سرير صارت ملجأً للعجزة . وكان يشرف بنفسه على الاعتناء بهم . وعلى اثرالجوع انتشر وباء الطاعون ، فانبرى مار افرام في تطبيب المرضى وموآساتهمحتى اصيب بدوره بداء الطاعون واحتمل صابراً آلامه المبرحة ، وفاضت روحهالطاهرة في 9 حزيران عام 373م ودفن في مقبرة الغرباء في ظاهر مدينة الرهابناء على وصيته ، وبني على ضريحه دير عُرف بالدير السفلي ثم نُقل رفاتهالطاهر الى مقبرة الاساقفة في كنيسة الرها الكبرى ، وقيل انّه نُقل عام 1145م الى اوروبا مع ذخائر بعض القديسين وعيّدت له الكنيسة شرقاً وغرباًوفي الساعات الاخيرة من حياته المجيدة ، وفي لحظات احتضاره الرهيبة ، املى على تلاميذه وصيته الاخيرة شعراً فاهتموا بتدوينها حالاً ، وقد ترجمت الى اليونانية بعد وفاته بمدة وجيزة ، واستشهد بها القديس غريغوريوس النوسي (+396) خمس مرات فيتقريضه اياه . وقد اعترف مار افرام بوصيته هذه بايمانه ، وبين تمسكهبالعقيدة المسيحية ، وحثّ تلاميذه على التشبه به مؤَلفاتهادرك مار افرام اللغة السريانية نقيّة صافية خالية من العجمة وسائر الشوائب ، وغنيّة واسعة واداة طيّعة في التعبير عن مختلف الاهداف الفكرية ، وشتى الاغراض الكلامية ،فكتب فيها تفاسيره نظماً ونثراً ، ودبج روائعه وبدائعه التي صارت مفخرةالادب السرياني . وكان له القدح المعلى في تقديم مدرستي نصبين والرهاالسريانيتين حيث وَجدت لها اللغة السريانية مرتعاً خصباً فنمت وازدهرتتناول مار افرام الكتاب المقدس بعهديه شرحاً وتفسيراً وقد اعتمد الترجمة البسيطة ، ولكثرة شروحه صرّح بعضهم قائلاً : " لو نفذت ترجمة الكتاب المقدس السريانية الاصلية لتيسر جمعَ نصوصِها من تصانيف مار افرام "وقد اتبع بالتفسير طريقة مدرسة انطاكية بشرح النص آية آية بالمعنى الحرفي بمفهوميه الحقيقي والمجازي ولم يبق من تفاسيره هذه سوى شرح سفر التكوين وجزء من سفر الخروج ، وشذورمتفرقة من أَسفار العهد القديم نجدها في مجموعة الراهب سويريوس (+ 861)اما تفسيره للانجيل المختلط المعروف بالدياطسرون الذي وضعه ططيانس عام 170 م فلم يصل الى ايدينا منه سوى ترجمته الارمنية33 كما لم يبق من تفاسيره لرسائل الرسول بولس سوى آيات يسيرة ضمن تفسير الانجيل ليشوعداد المروزي اسقف الحديثة النسطوري (840 - 853) . وله مواعظ هي شروح لفصول من الكتاب المقدس ، وله ايضاً مقالات في محبة العلي وفصول مختارة من كتاب وُسم بـ "كتاب الآراء" وهو في حياة النسك والرهبنة . وارسل خطابين الاول الى دمنوس في نقضالهراطقة ، والثاني الى هيباتيوس رداً على مرقيون وبرديصان وماني ، ورسالةبعث بها الى الرهبان ساكني الجبال ، ومجموعة قوانين في الرهبنة فُقد اصلها السرياني وحُفظ النقل اليوناني اورد ذكرها غريغوريوس النوسي (+ 396) ، ولم يبق من القصص التي الّفها سوى قصة بطرس الرسول . وقد نسب اليه كتاب وُسم بـ" غار الكنوز " وهو قصة آدم وحواء بعد ان طُردا من الجنة ، كما وُضع عليه خط عظة في نهاية العالم ورد فيها ذكر غزوة الهون التي حصلت في تموز سنة 396م اي بعد وفاته بثلاث وعشرين سنة . وكذلك عُزي اليه تأَبين للقديسباسيليوس الكبير الذي مات بعد موت مار افرام بست سنواتلقد نظم مار افرام الشعر السرياني على البحر السباعي خاصة ، وارتأَى بعضهم انه قد استنبطه فسُمي ايضاً بالافرامي او انّه اخذه عمّن سبقه من الشعراء الذين فقد شعرهم وتعدّ ابيات بعض قصائده بالآلاف . كما نظّم المداريش اي الاناشيد وهي ابيات من الشعر تُصاغ على اوزان مختلفة والحان شتى بلغ عددها الخمسمائة استنبطها برديصان (222 +) . ولم يعتمد مار افرام القافية في نظمه ، لأنّ السريان لم يدخلوها في شعرهم حتى صدر القرن التاسع متأَثرين بذلك بالعرب ، ولا نعرفعدد قصائده واناشيده التي ضاع جانب كبير منها ، وما تبقى منها اليوم يُعدبالمئاتوهو شاعر فحل ، طويل النفس ، يمتاز اسلوبه بالاسهاب ، وشعره عامة سلس ، يرسله على السليقة فيتدفق كالسيل العرم . وتناول بشعره شتّى المواضع الدينية ، العقائدية منها والروحية ، فبجّل السيد المسيح، وطوّب امه العذراء مريم ، ومدح الابرار والصالحين وغبط الزهاد والمتوحدين ، ورَى النفس الخاطئة وحثّها على التوبة، وهجا الكفرة وكفرهم بشخص يوليان الامبراطور الجاحد ، وقرع البدع والمبتدعين خاصةً ماني ومرقيون وبرديصان وآريوس ، واكثر من سرد الحكم في قصائده النفيسة ، واناشيده البديعة ، التي كانت تعبّر عما احتواه قلبهالكبير من الايمان ، وما استوعبه عقله الجبار من الحكمة ، وقد حازت مكانةالقمة في الكنيسة السريانية فادخلت الطقس البيعي وهو حيّولاهمية مؤَلفات مار افرام نُقلت الى اليونانية وهو حي او في العقد الاول بعد وفاته ، كما نُقلت بعدئذ الى لغات شتى نخصّ بالذكر منها لغة الضاد فقد نقل اليها ابراهيم بن يوحنا الانطاكي سنة 980م عدداً من مقالاته في الرهبنة ، كما وصل الينامنها ايضاً احدى وخمسون مقالة نقلت من اليونانية اليها حوالي القرن الحاديعشر نقلاً فيه الجيد وفيه الملحون واصلها السرياني مفقود . ومنذ القرنالثامن عشر وحتى اليوم حقّق علماء الاستشراق الافذاذ وبعض الشرقيين ، اغلبمؤَلفات مار افرام الشعرية والنثرية ونشروها بالطبع وترجموها الى اللغاتاللاتينية والانكليزية والفرنسية والالمانية والايطالية وغيرها . ومن محاسنمؤلفات مار افرام ان ترجمتها لم تفقدها شيئاً من عذوبة فصاحتها الفطريةفهي اذا قرأَت باليونانية مثلاً احدثت نفس التاثير والاعجاب الذي تحدثهقراءتها في اصلها السرياني"لقد زينت آثار مار افرام مكتبات الشرق والغرب وهي تعتبر من نفائس المخطوطات في دنيا المكتبات ونظر العلم والفن ، اذ يرجع تاريخ بعضها الى القرون الخامس والسادس والسابع للميلاد . وتوجد في مكتبات معظم حواضر الشرق العربي الشهيرة ، ومدينة الفاتيكان ، والمتحف البريطاني ، واوكسفورد ، وبرمنكهام ، وكمبرج ، وباريس ، وشيكاغو وغيرهااقوال مأثورة - ان الحكيم لا يبغض احداً ، وان ابغض فإنما يبغض الجاهل . اما الجاهل فلا يحب احداً فانّه يحب رفيقه الجاهل- اقتن الذهب بمقدار امّا العلم فاكتسبه بلا حد ، لان الذهب يكثر الآفات واما العلم فيورث الراحة والنعيم- كن في فتوتك متواضعاً لترتفع في شيخوختك- انّ الحكمة افضل من الزينة ، والعلم خير من الاموال ، وفتى حدثاً حكيماً خير من ملك شيخ جاهل- الحسد سهم نافذ يقضي على راميه- من يمتلك ذهباً خالصاً لا يخشى من امتحانه بالنار- ليس بكثرة البنين تكون الحياة للآباء - اذا شاء ربّ البرايا قام الولد الواحد مقام الكثيرين قالوا في مار افرام قال القديس غريغوريوس النوسي (+ 396)" افرام كرمة الله الكثير ثمرها .. ان ضوء سيرته وعلمه قد انار العالم وصار افرام معروفاً عند كل من تطلع الشمس عليه ولن يجهله الاّ من جهل باسيليوس الكبير الذي هو كوكب الكنيسة المنير" وقال القديس يوحنا فمّ الذهب (+407)"افرام كنارة القدس ، ومخزن الفضائل ، معزى الحزانى ومرشد الشبّان ، وهادي الضالين ، كان على الهراطقة كسيف ذي حدّين" وقال سوزومينالمؤَرخ اليوناني (+ 423)"انه ارفع من كل ثناء وقد زيّن الكنيسة كلّها افخر زينة ، وفاق الكتّاب اليونانيين ورونق كلامه واصالة رأيه وسداد برهانه" وقال القديس هيرونيموس (+ 430)"افرام شماس كنيسة الرها الّف كتباً كثيرة في اللغة السريانية وقد بلغ من الشهرة والتوقير ان بعض الكنائس تتلو ما كتبه على الشعب في الكنائس ، بعد تلاوة منتخبات الاسفار المقدسة . وقد طالعت في اليونانية كتابه في الروح القدس مترجماً من السريانية ووجدت فيه قمة الذكاء السامي في الترجمة ايضا" وقال القديس يعقوب السروجي (+ 521)"مار افرام الينبوع الفياض الذي روت مياهه ارض الايمان ، والخمرة المعتّقة التي اخذت صفاتها من دماء الجلجلة... النسر الذي انتصب بين الحمامات الوديعة... الذي ضارع موسى الكليم واخته مريم بتلقينه العذارى والفتيات ولفيف المؤمنين ، انغاماً محكمة بثّ فيها تعاليم الكنيسة الحقّة ، واحرز بواسطتها اكليل الظفر والانتصار على اعدائها ..... الشاعر المبدع الذي جاش قلبه كالبحر الخضم بالميامر التي لا تحصى والمداريش التي لا تعد .. انه تاج الامة السريانية جمعاء | |
|