■■
وداعاً لندن .. وإلى اللقاء في ريو دي جانيرو عام 2016 .. نجحت دورة الالعاب الأولمبية رقم 30 بلندن ، وإستعادت الولايات المتحدة الامريكية ، هيمنتها الرياضية على العالم ، مثلما تسيطر عليه سياسياً ورياضياً ، وفازت بالدورة برصيد 104 ميدالية متنوعة منها 46 ذهبية و29 فضية و29 برونزية ، وتراجع المارد الصيني الذي إنتزع صدارة العالم في اولمبياد بكين 2008 ، إلى المركز الثاني ب87 ميدالية منها 38 ذهبية ، ولم تفلح معسكرات تعذيب الأطفال الرياضية في الصين ، حسب ما كشفت بالصور تحقيقات صحيفة الديلي ميلي الأنجليزية ، في إستمرار قهر الأمريكان !
■■ وعادت بريطانيا " العظمى" رياضيا إلى الظهور ، وصعدت للمركز الثالث لأول مرة بعد غياب طويل جداً ، برصيد 65 ميدالية منها 29 ذهبية، وربما يتسق ذلك مع كونهم المنظمين ، وكان ذلك على حساب العملاق الروسي المتراجع للمركز الرابع ، والذي لا يكفي لتبرير تراجعه إتهامات وزير رياضته بتحيز الحكام في دورة لندن للإنجليز، وبماذا يبرر تراجعه من المنافسة على القمة ، ثم إبتعادبلاده عن المركز الثاني بعد خروج المارد الصيني من "القمقم"!
■■ وعلى صعيد المحصلة النهائية وجدول الميداليات ، فمن بين 204 دولة شاركت في الاولمبياد بعدد 10.500 لاعب ولاعبة، في 26 لعبة رياضية ، لم يحالف الحظ سوى 85 دولة فقط وبنسبة 42% تقريباً في تسجيل أسمائهم في الجدول ولائحة الميداليات الرسمية ، وخرجت 119 دولة برصيد صفر من الميداليات، وعادت إلى بلادها كما جاءت .. فهل تعتبر هذه الدول فاشلة وتتفرغ صحافتها وإعلامها الرياضي لجلد الذات وتأليب الرأي العام والمطالبة بإقالة إتحاداتها الرياضية ولجانها الاولمبية ؟ أم تعتبر المشاركة الاولمبية حدث كوني يجمع دول العالم ومجرد التواجد فيه يعتبر شرفاً بحد ذاته ، وهذا يحدث وسيظل يحدث دائما ل 60 % أو أكثر من الدول المشاركة، فهل تمتنع أم تكتفي في كل مرة باللطم والحسرة والندامة على مستواها الرياضي أم يكون المشاركة والتمثيل المشرف ومحاولة الإنجاز أملاً دائما تسعى إليه بلا جلد للذات وتشكيك في أداء الواجب وإتهامات بالتقصير والإهمال وربما طعن في الوطنية؟؟.. هي أسئلة وعلامات إستفهام كبيرة ، ينبغي لنا كعرب أن نجيب عليها بصراحة حتى نريح أنفسنا وإعلامنا الرياضية والرأي العام وحكوماتنا ونعلن استراتيجياتنا بلا خداع ولا تضليل.
■■ أما على صعيد المشاركة العربية في لندن ، فأكاد أجزم أنها الأنجح على الاطلاق في تاريخ الرياضة العربية ، وأعتقد أن هذا رقم قياسي، سواء من حيث عدد الدول المتوجة في جدول الميداليات او عدد الميداليات نفسها ، فقد دخلت 8 دول عربية لأول مرة في الجدول، وحقق العرب هذه المرة 12 ميدالية متنوعة ، منها ذهبيتين و3 فضية و7 برونزيات.
■■ وفي قائمة الشرف العربية تتصدر تونس ال22 دولة عربية وفي المركز 45 عالمياً ، برصيد 3 ميداليات منها ذهبية وبرونزية لأفضل رياضي عربي وقرش قرطاج أسامة الملولي في سباحة 10 كيلومتر وسباق 1500 متر حرة، ومعه الغزالة حبيبة لغريبي في سباق 3آلاف متر موانع ، وتأتي الجزائر في المركز الثاني عربيا وال50 عالمياً بذهبية العداء النجم توفيق مخلوفي بطل سباق 1500 متر وخليفة البطل التاريخي نور الدين مورسلي ، وجاءت مصر في المركز الثالث عربيا و58 عالميا بفضيتين للمصارع العملاق كرم جابر ولاعب السلاح علاء الدين أبو القاسم ، ثم جاءت قطر في المركز الرابع عربياً وال77 عالمياً ببرونزيتين لنجم الراليات والرماية المخضرم ناصر العطية ، وبطل الوثب العالي معتز برشم ، وفي المركز الخامس عربيا هناك أربعة دول وتحتل المراكز من 80 وحتى 84 عالمياً في ختام جدول الترتيب ولكل منها برونزية وحسب ترتيب الأحرف الأبجدية باللغة الإنجليزية وهي البحرين بميدالية مريم جمال عداءة ال1500 ، والسعودية ببرونزية فريق قفز الحواجز ، والكويت ببرونزية الرامي المخضرم فهيد الديحاني في أطباق الحفرة المزدوجة ، وأخيراً المغرب ببرونزية العداء عبد العاطي إيجيدير في سباق 1500 متر .. وفيما عدا ذلك هناك ربما العشرات من المراكز الشرفية من المراكز الرابع وحتى المشاركة في المراحل النهائية للعديد من المسابقات وذلك يستحق التقدير والتنويه على الأقل مقارنة بمن جاءوا ولم يكملوا ثواني او دقائق وانتهت مهمتهم .
■■ أخيراً .. إستعرضت لندن عضلاتها وتاريخها وفنونها وإبداعها في حفل الختام وعرضت 30 أغنية ومقطوعة في خليط سيمفوني للموسيقى البريطانية في نصف القرن الأخير بمشاركة واستعراضات لأكثر من 3500 فنان وفنانة ، وبرزت معالم لندن وواقعها في دعاية واضحة للحياة الإنجليزية دون الإنتباه للمعني الكوني للاولمبياد ، ولكن البرازيليون الذين تسلم مندوبهم ، عمدة بلدة ريو دي جانيرو، علم الدورة الاولمبية كانوا هناك بحضور بيليه الاسطورة ، ليقدموا لمحات عن فنونهم ورقصاتهم تمهيداً لبدء حملة أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 .. وداعاً لندن وأهلاً ريو دي جانيرو